آداب وأحكام التعامل مع الخدم ونحوهم
الحاجة إلى الخدم ونحوهم:
قد يحتاج المرء إلى من يعينه في أي عمل من الأعمال، وتختلف هذه المعونة باختلاف العمل المطلوب، وبالتالي فإن المحتاج إليه من العمال أو الخدم أو الأجراء ونحوهم تختلف أحوالهم باختلاف الأعمال المنوطة بهم من خدمة، أو سياقه، أو سباكة، أو عمارة، أو غير ذلك.
وعليه فيمكن تقسيم الأحكام والآداب المختصة بهذا النوع من الناس إلى قسمين: حقوق عامة،
وحقوق تختص بمن تطول معاشرته أو مساكنته، ويكون المرء مسؤولا عنه مباشرة، كالسائق والخادمة ونحوهم. ليست الأحكام التي ستذكر إنشاء الله ــ مما تخصهم مطلقا، إنما هم بها ألصق.
أولا: الأحكام والآداب العامة لكل مستخدم في عمل:
1- حسن المعاملة، وذلك من خلال التعامل بأدب ولطف، والتزام الأخلاق الحسنة التي يأمر بها الشرع، وتجنب ذميم الأخلاق من سب وشتم وسخرية وغيرها، والقدوة التامة في كل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يقول أنس - رضي الله عنه -: خدمت النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا لم صنعت؟ ولا ألا صنعت. رواه البخاري في الأدب، باب حسن الخلق (الفتح 10/456) رقم (6038)
2- إعطاؤه أجرته كاملة حسب ما تم الاتفاق عليه، والأحسن في مثل ذلك كتابة عقد يوضح فيه العمل وأجرته ويشهد عليه، للبعد عما يحصل من التنازع والاختلاف. وحرمان العامل من أجرته أو بعضها منكر عظيم، وكبيرة من الكبائر، لا يتهاون بها إلا من لا خلاق له، قال - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله - تعالى -: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل أستأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره). رواه البخاري في الإجارة باب إثم من منع أجر الأجير (الفتح 4/447) رقم (2270).
كما أن تأخير أجرته داخل فيما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (مطل الغني ظلم). رواه البخاري، في الاستقراض وأداء الديون، باب مطل الغني ظلم (الفتح 5/ 61) رقم (2400)، ومسلم، في المساقاة، باب تحريم مطل الغني 3 / 1197 رقم (1564). قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر. ا هـ. فتح الباري 4 / 465، شرح الحديث رقم (2287).
وعن ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعا: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه). رواه ابن ماجه، كتاب الرهون، باب أجر الأجراء 2 / 817.
ثانيا: الأحكام والآداب الخاصة:
1- ينبغي لمن أراد استقدام من يعمل لديه أن يختاره مسلما، وذلك لأمور منها:
أ- لأن في ذلك نوع إحسان ومعونة على الكسب، وبذل ذلك للمسلم أولى من غيره.
ب- لأن في استقدام الكافرين عونا لهم، وتقوية لشوكتهم.
ج لأن في استقدام الكافر أضرارا على الدين والخلق، منها: أن مخالطتهم
تؤثر في ضعف عقيدة البراءة من المشركين، (ومنها): أنه قد يتأثر بهم بعض الناشئة في دين أو خلق، أو سلوك (ومنها): أن بعضهم قد يستغل وجوده في الدعوة لباطله.
د- ما تتميز به هذه الجزيرة من كونها (جزيرة الإسلام) للاستفادة انظر: رسالة: (خصائص جزيرة العرب) للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد. ولا ينبغي أن يجتمع فيها دينان. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه حدث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته أنه قال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب...) رواه البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب (الفتح 6 / 271) رقم (3168)، ومسلم، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه 3 / 1257 رقم (1637).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلما) رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب 3 / 1388 رقم (1767). وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (آخر ما عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا يترك في جزيرة العرب دينان). رواه أحمد 6 / 275.
2- رحمتهم والشفقة عليهم، والتجاوز عن زلاتهم، والعفو عن هفواتهم، وترك تحقيرهم وإذلالهم، أو الاعتداء عليهم بالضرب ونحوهم، فإنه ليس يخلو أحد من غلط وتقصير، والتجاوز خلق محمود، ومن كان ذلك من سمته وخلقه فهو أحرى أن يتجاوز الله عنه عند اشتداد حاجته، قال - تعالى -: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} آية 134 من سورة آل عمران.
وهذا فضل عظيم لمن هذه صفته.
وعن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - قال: كنت أضرب لي غلاما بالسوط، فسمعت صوتا من خلفي: (اعلم أبا مسعود)، فلم افهم الصوت من الغضب، فلاما دنا مني إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يقول: (اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام) قال: فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا. رواه مسلم، في الإيمان، باب صحبة المماليك 3 / 1281 رقم (1659).
3- الحرص على تعليمهم أحكام دينهم، وآداب شريعتهم، بكل طريق ممكن، خصوصا أمر العقيدة والتوحيد، وبيان الشرك وخطره، وهذا أمر يهمله أكثر الناس، والحري بهم ضد ذلك. ومن ذلك الحرص على تعويدهم التزام الأحكام الشرعية، كالصلاة، والصيام، والتزام الخادمة بالحجاب الشرعي، وعدم إهمالها تخرج سافرة وتتعرض للرجال، بل ينبغي إلزامها به حتى داخل البيت، فهي امرأة أجنبية، وحكمها حكم سائر الأجنبيات.
4ـ عدم تكليفهم مالا يطيقون، فهم بشر لهم حدود وطاقة لا يمكنهم مجاوزتها، فلا يجوز تجاهل هذا الأمر، لما يترتب عليه من الأذى والضرر، وقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك فقال: ((إخوانك، خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه ممايأكل، وليلبسه ممايلبس، ولا تكلفوهم مايغلبهم فأعينوهم)) رواه البخاري، في الإيمان، باب المعاصي من أمر الجاهلية (الفتح 1 / 84)، رقم (30)، وفي العتق، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: العبيد إخوانكم.... (الفتح 5/ 174) رقم (2545)، ومسلم، في الأيمان، باب إطعام المملوك مما يأكل 3/1283 برقم (1661)
5ـ عدم التساهل فيما يتعلق بالمحارم والأعراض، ولذلك صور منها:
أ التهاون بالخلوة بالسائقين ونحوهم، أو خلوة الخادمة بصاحب البيت، أو بعض ولده، وكل ذلك محرم لا يجوز التساهل فيه، لما يجر إليه من المفاسد.
ب التهاون باختلاط الخدم أو الخادمات بأهل البيت من الرجال والنساء، أو فيما بينهم رجالا ونساء اختلاطا لاحدود له، ترفع فيه الكلفة والحشمة مطلقا، وهذا مما لايجوز بل ينبغي الحذر منه، وعدم التساهل فيه.
نقل بتصرف وتعديل..
علي بن عبدالعزيز الراجحي
الحاجة إلى الخدم ونحوهم:
قد يحتاج المرء إلى من يعينه في أي عمل من الأعمال، وتختلف هذه المعونة باختلاف العمل المطلوب، وبالتالي فإن المحتاج إليه من العمال أو الخدم أو الأجراء ونحوهم تختلف أحوالهم باختلاف الأعمال المنوطة بهم من خدمة، أو سياقه، أو سباكة، أو عمارة، أو غير ذلك.
وعليه فيمكن تقسيم الأحكام والآداب المختصة بهذا النوع من الناس إلى قسمين: حقوق عامة،
وحقوق تختص بمن تطول معاشرته أو مساكنته، ويكون المرء مسؤولا عنه مباشرة، كالسائق والخادمة ونحوهم. ليست الأحكام التي ستذكر إنشاء الله ــ مما تخصهم مطلقا، إنما هم بها ألصق.
أولا: الأحكام والآداب العامة لكل مستخدم في عمل:
1- حسن المعاملة، وذلك من خلال التعامل بأدب ولطف، والتزام الأخلاق الحسنة التي يأمر بها الشرع، وتجنب ذميم الأخلاق من سب وشتم وسخرية وغيرها، والقدوة التامة في كل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يقول أنس - رضي الله عنه -: خدمت النبي - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين، فما قال لي: أف، ولا لم صنعت؟ ولا ألا صنعت. رواه البخاري في الأدب، باب حسن الخلق (الفتح 10/456) رقم (6038)
2- إعطاؤه أجرته كاملة حسب ما تم الاتفاق عليه، والأحسن في مثل ذلك كتابة عقد يوضح فيه العمل وأجرته ويشهد عليه، للبعد عما يحصل من التنازع والاختلاف. وحرمان العامل من أجرته أو بعضها منكر عظيم، وكبيرة من الكبائر، لا يتهاون بها إلا من لا خلاق له، قال - صلى الله عليه وسلم -: (قال الله - تعالى -: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل أستأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره). رواه البخاري في الإجارة باب إثم من منع أجر الأجير (الفتح 4/447) رقم (2270).
كما أن تأخير أجرته داخل فيما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (مطل الغني ظلم). رواه البخاري، في الاستقراض وأداء الديون، باب مطل الغني ظلم (الفتح 5/ 61) رقم (2400)، ومسلم، في المساقاة، باب تحريم مطل الغني 3 / 1197 رقم (1564). قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى -: والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر. ا هـ. فتح الباري 4 / 465، شرح الحديث رقم (2287).
وعن ابن عمر - رضي الله عنه - مرفوعا: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه). رواه ابن ماجه، كتاب الرهون، باب أجر الأجراء 2 / 817.
ثانيا: الأحكام والآداب الخاصة:
1- ينبغي لمن أراد استقدام من يعمل لديه أن يختاره مسلما، وذلك لأمور منها:
أ- لأن في ذلك نوع إحسان ومعونة على الكسب، وبذل ذلك للمسلم أولى من غيره.
ب- لأن في استقدام الكافرين عونا لهم، وتقوية لشوكتهم.
ج لأن في استقدام الكافر أضرارا على الدين والخلق، منها: أن مخالطتهم
تؤثر في ضعف عقيدة البراءة من المشركين، (ومنها): أنه قد يتأثر بهم بعض الناشئة في دين أو خلق، أو سلوك (ومنها): أن بعضهم قد يستغل وجوده في الدعوة لباطله.
د- ما تتميز به هذه الجزيرة من كونها (جزيرة الإسلام) للاستفادة انظر: رسالة: (خصائص جزيرة العرب) للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد. ولا ينبغي أن يجتمع فيها دينان. فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه حدث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته أنه قال: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب...) رواه البخاري، كتاب الجزية والموادعة، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب (الفتح 6 / 271) رقم (3168)، ومسلم، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه 3 / 1257 رقم (1637).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلما) رواه مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب 3 / 1388 رقم (1767). وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (آخر ما عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا يترك في جزيرة العرب دينان). رواه أحمد 6 / 275.
2- رحمتهم والشفقة عليهم، والتجاوز عن زلاتهم، والعفو عن هفواتهم، وترك تحقيرهم وإذلالهم، أو الاعتداء عليهم بالضرب ونحوهم، فإنه ليس يخلو أحد من غلط وتقصير، والتجاوز خلق محمود، ومن كان ذلك من سمته وخلقه فهو أحرى أن يتجاوز الله عنه عند اشتداد حاجته، قال - تعالى -: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} آية 134 من سورة آل عمران.
وهذا فضل عظيم لمن هذه صفته.
وعن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - قال: كنت أضرب لي غلاما بالسوط، فسمعت صوتا من خلفي: (اعلم أبا مسعود)، فلم افهم الصوت من الغضب، فلاما دنا مني إذا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو يقول: (اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام) قال: فقلت: لا أضرب مملوكا بعده أبدا. رواه مسلم، في الإيمان، باب صحبة المماليك 3 / 1281 رقم (1659).
3- الحرص على تعليمهم أحكام دينهم، وآداب شريعتهم، بكل طريق ممكن، خصوصا أمر العقيدة والتوحيد، وبيان الشرك وخطره، وهذا أمر يهمله أكثر الناس، والحري بهم ضد ذلك. ومن ذلك الحرص على تعويدهم التزام الأحكام الشرعية، كالصلاة، والصيام، والتزام الخادمة بالحجاب الشرعي، وعدم إهمالها تخرج سافرة وتتعرض للرجال، بل ينبغي إلزامها به حتى داخل البيت، فهي امرأة أجنبية، وحكمها حكم سائر الأجنبيات.
4ـ عدم تكليفهم مالا يطيقون، فهم بشر لهم حدود وطاقة لا يمكنهم مجاوزتها، فلا يجوز تجاهل هذا الأمر، لما يترتب عليه من الأذى والضرر، وقد نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك فقال: ((إخوانك، خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه ممايأكل، وليلبسه ممايلبس، ولا تكلفوهم مايغلبهم فأعينوهم)) رواه البخاري، في الإيمان، باب المعاصي من أمر الجاهلية (الفتح 1 / 84)، رقم (30)، وفي العتق، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: العبيد إخوانكم.... (الفتح 5/ 174) رقم (2545)، ومسلم، في الأيمان، باب إطعام المملوك مما يأكل 3/1283 برقم (1661)
5ـ عدم التساهل فيما يتعلق بالمحارم والأعراض، ولذلك صور منها:
أ التهاون بالخلوة بالسائقين ونحوهم، أو خلوة الخادمة بصاحب البيت، أو بعض ولده، وكل ذلك محرم لا يجوز التساهل فيه، لما يجر إليه من المفاسد.
ب التهاون باختلاط الخدم أو الخادمات بأهل البيت من الرجال والنساء، أو فيما بينهم رجالا ونساء اختلاطا لاحدود له، ترفع فيه الكلفة والحشمة مطلقا، وهذا مما لايجوز بل ينبغي الحذر منه، وعدم التساهل فيه.
نقل بتصرف وتعديل..
علي بن عبدالعزيز الراجحي