يعاني الشابان التونيسيان “عبد القادر وزياد” محمد البشير الرزقي من مرض نادر الوجود، بل يكاد يكون معدوما، يجعلهما ذئبين بأجساد صغيرة ووجوه غريبة، لا يتكلمان بل يصدران أصوات الذئاب وفحيح الثعابين، ويعيشان على لحم القطط ولحوم البشر ، وقد رفضت أسرتهما التخلى عنهما لمراكز البحث العالمية، وفضلت ربطهما بشكل دائم، خاصة بعدما قام أحدهما بقطع إصبع أمه وأكله.
وتقول صحيفة ” البيان” الإماراتية اليوم: في أحد الأحياء الفقيرة، وسط العاصمة التونسية، يعيش الوحشان الآدميان عبد القادر محمد البشير الرزقي، 28 عاما، وأخيه زياد 27 عاما، مع أبويهما، وتصف مراسلة الصحيفة في تونس ضحى السعفي ” عندما دخلنا المنزل المعروف، قابلتنا المفاجأة التي أصابتنا بالذهول، فما إن فتحت الأم باب الغرفة حيث يوجد ولداها، حتى رأينا أغرب مشهد يمكن أن يصادفه الإنسان في حياته.
ولدان قصيرا القامة، يقفان على أطراف أصابعهما، رأساهما صغيرا الحجم، بشرتهما سمراء اللون، وشكلهما غريب. الناظر إليهما يشعر أنهما مزيج إنساني وحيواني مفترس، خاصة بعد أن يستمع للأصوات المخيفة التي يصدرانها. فعبد القادر مشدود الوثاق إلى الجدار، وزياد يتجول داخل المنزل بعد أن فكت أمه الرباط عنه حتى تغير له ملابسه”
تقول الحاجة زهرة والدتهما: ” بدأت ألاحظ التغيرات على عبد القادر طفلي الأول فور بلوغه سن الرابعة، لأنه بدأ يمشي ويركض وطلعت كل أسنانه في وقت مبكر، كما بدأت تظهر عليه علامات العنف، وبعد فترة قصيرة بدأت رحلتي مع الأطباء، حيث كٌنت أعرض عبد القادر وزياد على الأطباء للكشف على حالتهما الصحية الغريبة، إلا أن المصيبة كانت يوم أخبرنا الطبيب أنهما يعانيان من مرض نادر الوجود، بل يكاد يكون معدوما،يجعلهما مخلوقين بين الحيوان والإنسان”.
وحول طريقة تواصلها مع ابنيها تقول: «هما لا يتكلمان أبدا، بل يصدران أصواتاً مخيفة تشبه أصوات الذئاب الجائعة، وأحيانا يطلقان أصواتاً مشابهة لفحيح الأفعى، وهما لا يفهمان كلامي، وطريقة تواصلي معهما هي بالتعود، حيث تعلمت الأصوات التي يطلقانها في حال جوعهما، أو رغبتهما في فك رباطهما، حيث أحرص كل يوم على ربطهما بالحبال، حتى لا يرتكبان جرائم أخرى.
وحول الجرائم التي ارتكباها في السابق، تقول الأم: زياد وعبد القادر بحاجة للأكل بصفة دائمة أي كل ساعة يجب أن يأكلا شيئاً، وإن لم يجدا شيئا، فهما يأكلان ما يجدانه أمامهما، فزياد مثلاً عضني وقطع إصبعي وأكله، وذات مرة حاول أكل أبن أخته، و لولا لطف الله لوجدناه جثة هامدة حيث أنقذناه من بين فكي زياد في آخر لحظة، وأخذناه للمستشفى وهو غارق في دمائه، كما أنهما يأكلان القطط الصغيرة، وأي شيء تقع عليه أعينهما، وقبل يومين ضرب زياد ابنة أخته «رنيم» تمهيدا لعضها على طريقة الذئاب وهي الآن ترقد في المستشفى حيث كسر لها أسنانها الأربعة” ومع أن حجمي زياد وعبد القادر صغير جدا مقارنة بأفعالهما إلا أن الحاجة زهرة تؤكد أن ولديها لا يستطيع شيء إيقافهما عندما يهجمان على أحد، حتى إن والدهما يستدعي الجيران ليساعداه في شد وثاق الأبناء، في حال فكا رباطهما.
فئران تجارب
أما محمد البشير الرزقي والد عبد القادر وزياد فيقول بشأن ابنيه : «فور علمنا أن عبد القادر وزياد غير طبيعيين بدأنا رحلة البحث عن علاج، وكل الأطباء أكدوا لنا أن حالتهما الغريبة ليس لها أي علاج، حتى إن بعض الأطراف طلبت منا تسليم الولدين إلى جهات مختصة لإقامة بحوث ودراسات عليهما خارج تونس. لكننا رفضنا الفكرة، لأنهما وبالرغم من صعوبة العيش معهما تحت سقف واحد إلا أنهما يبقيان فلذات أكبادنا، ولا نرضى تحولهما إلى فئران تجارب، كما أنني ووالدتهما نؤمن بأن زياد وعبد القادر هما قدرنا، ونحاول أن نعتني بهما بكل ما أوتينا من قوة، رغم ضيق ذات اليد”.
هنا تتدخل الحاجة «زهرة» وتضيف: «لا أحتمل فكرة العيش دونهما. تعودت أن أفترش الأرض بجانبهما وأنام معهما في المكان نفسه، وأحيانا أقوم بفك الحبال المربوطة في أيديهما، لأنني أشفق عليهما إلا أن «زياد»، خاصة يغدر بي في كل مرة ويعضني بطريقة وحشية، حتى إن جسمي كله ندوب وكدمات، ولكن يبقى ابني، حتى إنني لا أستطيع ضربه إن فعل أي شيء”.
نظرة الجيران
يقول الوالد نعيش اليوم في ظروف مادية قاسية جداً بسبب الحالة النفسية الصعبة التي أعيشها، التي أدت إلى فقدان ذاكرتي بشكل مؤقت، الشيء الذي جعلني لا أستطيع ممارسة أي عمل قد يضمن لي ولأسرتي العيش الكريم، إلا أن بعض الجهات المختصة في أعمال الخير قامت بفتح محل لنا لبيع المواد الغذائية، إلا أن الجيران كانوا يرفضون شراء أي شيء من عندنا، بحجة الخوف من أي عدوى يمكن أن ينقلها لهما عبد القادر وزياد، مع أن الكل يعلم أننا نقوم بربطهما دائما داخل البيت ولا نسمح لهما بالخروج أبدا، كما أن مرضهما غير معد، ونظرة الجيران تلك جعلتنا نغلق المحل، وأصبحنا اليوم نعيش دون أي دخل مادي يذكر، كما أن الجيران ينعتوننا ببيت الذئاب أو القردة، ويروجون إشاعة أن ابني عبد القادر يوجد له ذيل من الخلف.
وعن كيفية تأمين لقمة العيش يقول الوالد: «أقوم أنا ووالدتهما «زهرة» بلم الخبز الناشف «اليابس» من أمام البيوت، حتى نبيعه بأسعار بخسة وهي الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها الاستمرار، إلى جانب ما يجود به أهل الخير.
وخلال الحوار مع العائلة حاول زياد الذي فكت أمه رباطه بقصد تغيير ملابسه قبل وصولنا، أن يهجم علينا إلا أن والدته كانت تمسكه بشدة، لدرجة أنها وقعت مرتين خلال محاولاتها إبعاده عنا.
أما عبد القادر المربوط فلم يكن يستطيع إلا إطلاق بعض الأصوات المخيفة محاولة منه لإبعادنا وإبعاد عدستنا التي ضايقته بضوئها «الفلاش». خرجنا من البيت وكلنا أمل في أن يرحم الله هذه العائلة التي حكم عليها القدر بفجيعة في ولديها لكن أعين الناس لم ترحمها.
طفرة جينية
الدكتورة سهام بن الحاج بالقاسم، الرئيسة بالصحة العمومية والمختصة في طب الشيخوخة والمختصة في الطب العائلي، ورئيسة جمعية المعاقين بتونس: تقول: «الحالة التي شاهدناها من خلال الصور يمكن تشخصيها مبدئياً بأنها مرض جيني
يطلق عليه ” كانباليزم” أي آكلي لحوم البشر، ويمكن أن يكون المرض وراثيا انتقل لعبد القادر وزياد إما من خلال الأب أو من خلال الأم، وبما أن هذين الأخيرين يعتبران سليمين من الداخل والخارج فقد يكون الجين المسئول عن إعاقة ابنيهما موجودا أساساً في أحدهما ولكن بنسبة قليلة وانتقل لهما خلال عملية التزاوج.
وحول إمكانية معالجة زياد وعبد القادر تقول سهام بالقاسم: «لا يوجد علاج لمرض عبد القادر وزياد فهما يعتبران من ناحية الشكل والتصرفات من آكلي لحوم البشر، الذين يعتبر وجودهم حول العالم نادرا جدا، لذلك لم يصل الطب لليوم لعلاج قد يكون فعالا في مثل هذه الحالات، خاصة وأنه من الصعب علاج المرض الجيني”.
وإن كان وجودهما في البيت يشكل خطرا على حياتهما وحياة العائلة، تقول الدكتورة: بالطبع فوجودهما في البيت بتلك الصورة يشكل خطرا، على أنفسهما أولا وعائلتهما ثانيا، لأن هذا المرض يدفع في مراحله المتقدمة بصاحبه، لأكل رجله أو يده أو أي جزء من جسمه، والمطلع جيدا على الصور سيلاحظ أثار اعتدائهما على أنفسهما، كما أن أهل عبد القادر وزياد يجب أن يسلماهما إلى مركز عناية خاص.